منتدى التواصل القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عشي علاء الدين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد احمد الراشد




المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 08/04/2011

ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية Empty
مُساهمةموضوع: ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية   ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية I_icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:48 am

ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية
مقدمة
إن الدول جميعا و بدون استثناء ، على اختلاف إيديولوجياتها أو نظمها السياسية ، ما برحت تطمح إلي إيجاد توازن أفضل أو وسيلة أعدل بين الدولة و الأفراد ، مما دفع إلي تضافر الجهود من جانب القضاء و المشرع بغرض صياغة الوظيفة المخصصة لتحقيق العدالة الإدارية و توفير حماية قضائية للأشخاص الخاصة ضد الإدارة .
و لتحقيق هذا التوازن المنشود فقد عملت دولة القانون على إعلاء قاعدة القانون ، و ذلك بإخضاع جميع أعمال السلطات العامة للقواعد القانونية المقررة سلفا .
فالدولة القانونية تقتضي ضرورة خضوع جميع هيئاتها و سلطاتها و مؤسساتها لمبدأ سيادة القانون ، فالسلطات أصبح للقانون و لا هيئة لسواه .
و في ظل ذلك ، فإن دولة القانون فرضت على الإدارة مهام وظائف تصب في خدمة الأفراد و إشباع حاجاتهم و تحقيق الأمن و الأمان لهم في أنفسهم و أموالهم ، و لأجل ذلك وضعت دولة القانون تحت حماية سلطة قضائية مستقلة تمارس مهمة الحكم في حالة عدم ممارسة الأفراد لحقوقهم و حرياتهم وفق الاختصاصات المقررة لممارستها .
و من هنا ، فإن على القضاء أن يتخذ الإجراءات أو الجزاءات المرصودة لتأكيد مبدأ المشروعية و ضمان تنفيذ أحكامه ، و إذا كان القضاء لا يستطيع أن يتخذ هذه الإجراءات أو الجزاءات اللازمة لكفالة تنفيذ الأحكام التي يصدرها فإن الحكم القضائي يصبح غير ذات فائدة حقيقية .
و من هنا احتلت مسألة تنفيذ قرارات القضاء الإداري الصادرة ضد الإدارة مكانة قانونية خاصة بحيث أصبحت تشغل بال كثير من الفقه منذ زمن طويل ، لاسيما في ظل تطور القيم و المبادئ الديمقراطية في الدولة القانونية التي تعتبر الإدارة مثلها مثل الأفراد ملتزمة بتنفيذ الأحكام الحائزة للقوة التنفيذية .
غير أنه ، لا يمكن تجاهل الصعوبات و العراقيل القائمة في وجه تنفيذ القرارات القضائية في المادة الإدارية خاصة في الجزائر , لذلك حق لنا أن نتساءل عن أهم الضمانات المقررة لتنفيذها في التشريع المقارن و في بعض تطبيقات القضاء المقارن من خلال المحورين التاليين :
*مدى سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر للإدارة لضمان تنفيذ الأحكام القرارات الإدارية في التشريع المقارن .
الكل يعلم أن لكل دعوى ثلاثة عناصر هي : أشخاص الدعوى ، و محلها و سببها . كما أن الجميع يعرف و أن محل الدعوى و هو الأمر الذي تهدف إليه الدعوى و هو يختلف باختلاف الغرض منها ، فقد يقصد بها الحكم على المدعى عليه بأداء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل و * تسمى دعوى إلزام *
و يقصد بالدعوى تقرير حق أو وضع قانوني للمدعي كطلب ملكية أو ثبوت بنوة دون أن ينتج عن ذلك صدور حكم الزم و هي * دعوى مقررة * ، و قد يقصد بالدعوى أخيرا إنشاء وضع قانوني جديد كدعوى الطلاق و هي * دعوى منشئة *
و الذي يهمنا في موضوعنا من كل هذا هو أن تكون الإدارة طرفا سلبيا أي مدعى عليها في دعوى إلزام أي محلها إلزامها بأداء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل لفائدة شخص خاص . و هو مناط البحث لتعقيده .
إذا كان القاضي الإداري الفرنسي قد تهيأ للقضاء الجريء لحماية الأفراد تجاه التصرفات و الأعمال غير المشروعة للسلطة العامة ، و بخاصة جرأته التي ظهرت فيما يتعلق بإيجاد حل للنزاع المعروض عليه ، فبالعكس ، نجده يظهر خجله أو حياءه عندما تكون المسألة المطروحة عليه تتعلق بعدم احترام السلطات الإدارية للأحكام التي يصدرها ، فالقاضي و بخاصة مجلس الدولة الفرنسي يظهر و كأنه قاض ذو شخصيتين ، تارة يظهر بشخصية المدافع عن المواطنين بإيجاد الحل الذي يقرره لحماية حقوق المواطنين المعترضين على التصرفات السيئة للإدارة ، و تارة أخرى يظهر بشخصية المدافع عن الإدارة بتحفظه أو بتردده على إجبار الإدارة على احترام أحكام الصادرة ضدها .
و قد ظل القاضي الإداري الفرنسي لفترة طويلة يرفض استخدام سلطة توجيه أوامر للإدارة لضمان تنفيذ الأحكام الإدارية ليس بسبب غياب نص قانوني مكتوب فقط ، و إنما كذلك بسبب مجموعة من العوامل التاريخية و السياسية أهمها تبني رجال القضاء الإداري الفرنسي تفسير خاطئ لمبادئ الفصل بين الهيئات القضائية و الإدارية ، و الذي من مقتضاه لا يمكن تصور وجود تدخل من جانب القضاء في شؤون الإدارة ، و بناءا عليه تواترت أحكام القضاء الإداري الفرنسي على أنه يجوز للقاضي الإداري توجيه أوامر إلي الإدارة و هو الأمر الذي ينبغي على القاضي الإداري أن يبحث عن الوسائل الكفيلة لتنفيذ أحكامه و إيقاف التصرفات غير المقبولة التي تعوق تنفيذها و إلا صدق قول أحدهم (1) : " فإن لم توجد وسيلة لحمل الإدارة و رضوخها لحكمه و تنفيذها إياه ، فإنها تصبح جميعها و كأنها مجرد شرح نظري للقوانين ليس له من القيمة العملية و لا من الفاعلية أكثر من توصيات المؤتمرات و الفقهاء " .
إذا كان هذا هو الوضع في فرنسا ، فإن الوضع في مصر لا يختلف عن ذلك ، حيث خلا النظام القانوني المصري من نصوص قانونية صريحة تحظر على القاضي الإداري توجيه أوامر إلي جهة الإدارة و لم يتدخل المشرع المصري بنص صريح يجيز أو يحظر على القاضي توجيه أوامر للإدارة ، ولكن القضاء المصري تأثر بما استقر عليه القضاء الإداري الفرنسي فيما يتعلق بحظر توجيه أوامر للإدارة .
و الواقع أن التزام القاضي الإداري بسياسة قضائية متشددة في هذا المجال له خطورة كبيرة على الأفراد ، لأنه بالنسبة للمحكوم له فإن الحكم و القرار القضائي لا يساوي إلا نتيجة العملية ، فإذا امتنعت الإدارة عن تنفيذ هذا الحكم أو أساءت تنفيذه ، ثم رفض القاضي أن يتدخل ليكفل تنفيذ أحكامه ، ألا يعد هذا نوعا من إنكار العدالة ، يدعو القاضي أن يغير هذه السياسة و يهتم أكثر بمشاكل التنفيذ و لقد كان هذا الاتجاه للقضاء الإداري محل انتقاء الفقه في فرنسا ، بل محل استنكار ، و هو الأمر الذي أدى إلي التباين الحاد في نهاية الثمانينيات بين موقف مجلس الدولة الفرنسي في الفصل في المنازعات و تقارير قسم التقرير و الدراسات التي نددت بشدة عن التصرفات التعسفية للإدارة تجاه تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها .
و تفاديا لانتقادات الفقه و إعلاء لقوة الشيء المقضي به فقد نادى مجلس الدولة الفرنسي خلال فترة الثمانينيات و التسعينات و حث أكثر من مرة على ضرورة إجراء إصلاح تشريعي في هذا المجال .
كما أن تطور القانون الأوروبي دفع إلي تطور القانون الإداري الفرنسي تطورا كبيرا خلال التسعينيات عندما بسط إجراء الأمر في المنازعات الإدارية الفرنسية ، و ذلك بالتوجيه الصادر في 21/12/1989 المتعلق بتنسيق الأحكام التشريعية و التنظيمية بين الدول الأعضاء بشأن إيجاد دعوى قضائية فعالة تؤمن احترام الأحكام الأوروبية في نطاقي المنافسة و العلانية في مجال إبرام بعض العقود .
كما لا يخفي أن القاضي الإداري الفرنسي استفاد كثيرا على وجه الخصوص من القاضي الإداري الألماني الذي له سلطة توجيه أوامر للإدارة من أجل حماية قضائية للأشخاص الخاصة ضد الإدارة .
و إدراكا من المشرع الفرنسي خطورة العجز في الوظيفة القضائية تدخل بين القانون الصادر في 08/02/1995 ، و الذي أدخل بموجبه إصلاحات هامة على القضاء الإداري ، كما هدمت مبدأ الحظر المقدس المفروض على القاضي الإداري بعدم توجيه أوامر للإدارة .
و لا شك أن أهم ما قرره المشرع بقانون 1995 أنه قد ساعد على نهضة العدالة الإدارية الفرنسية ، إذ باعتراف المشرع الفرنسي بقانون 1995 لمحاكم القضاء الإداري بمختلف درجاتها بسلطة توجيه أوامر للإدارة ، كمال اعترف لتلك المحاكم بإمكانية الحكم بتوقيع غرامة تهديدية على الإدارة لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة منها ، و هذه السلطات ليست قاصرة على قاضي الموضوع فحسب ، و إنما تتعداه إلي القاضي الإداري المستعجل ، حيث استجاب المشرع الفرنسي لكتابات الفقهاء عن حاجة العالة الإدارية إلي نظام القضاء الإداري المستعجل لإمكان الفصل في المنازعات الإدارية على وجه السرعة ، بل جعله يتدخل بإصدار قانون في 30/06/2000 أين وسع فيه سلطة الأمر الممنوحة للقاضي الإداري المستعجل ، بحث خول له الأمر بكل إجراء ضروري لحماية حقوق و حريات الأفراد التي تستوجب سرعة اتخاذها .
و لا شك في أن المشرع قد أراد بهذا الإصلاح القضائي تفعيل دور القاضي الإداري في تنفيذ ما يصدره من أحكام ، فيقوم القاضي بحملها على ذلك سواء عن طريق توجيه أمر لها بتنفيذ الحكم أو بالضغط عليها ماليا لتقوم بتنفيذ على نحو يستوحيه مبدأ خضوع الدولة للقانون و تدعيم دولة القانون .
فإذا كان " مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري إلي الإدارة " و الذي يقصد به في أبسط مدلولاته أن القاضي الإداري لا يملك تكليف الإدارة بالقيام بعمل معين أو الامتناع عنه أو أن يحل محلها في عمل أو إجراء معين هو من صميم اختصاصها بناء على طلب الأفراد قد وجد أساسه و مبرراته في عدد من النصوص التشريعية الفرنسية القديمة ، و لا سيما المرسوم الصادر في : 22/12/1789 الذي قرر حظر قيام المحاكم بأي عمل من شأنه أن يؤدي إلي عرقلة وحدات الإدارة في ممارستها لوظائفها الإدارية .
كذلك نص المادة 13 من قانون التنظيم القضائي الصادر في 16 و 24 أوت سنة 1790 و التي أيضا حظرت على المحاكم القضائية باعتبارها هيئة قضائية منفصلة عن الإدارة أن تتعرض بأية وسيلة من الوسائل لأعمال الإدارة أيا كانت الحالة التي عليها ، كما قررت منع القضاة من التعدي على الوظائف الإدارية أو محاكمة رجال الإدارة عن أعمال تتصل بوظائفهم أو النظر في أعمال الإدارة أيا كانت هذه الأعمال (2) .
ثم صدر بعده قانون 7-14 أكتوبر سنة 1790 الذي منع إحالة أي رجل من رجال الإدارة إلي المحاكم بسبب وظيفته العامة ، إلا إذا أحيل بمعرفة السلطة العليا وفقا للقانون .
كما نص دستور 1791 الفرنسي على أنه لا يجوز للمحاكم التصدي للوظائف الإدارية أو استدعاء رجال الإدارة أمامهم بسبب وظائفهم ، و إلي غير ذلك من النصوص التشريعية التي تحظر على القاضي الإداري توجيه أوامر للإدارة .
و الجدير بالملاحظة أن جانبا من الفقه يرى و أن هذه النصوص غير ملزمة لحظر القاضي الإداري توجيه أوامر للإدارة إنما ذلك يرجع إلي السياسة القضائية التي انتهجها مجلس الدولة في تقييده لسلطاته في مواجهة الإدارة من تلقاء نفسه (3) .
و تطبيقا لهذا المبدأ ، رفض مجلس الدولة الفرنسي جواز توجيه أوامر من القاضي الإداري إلي الإدارة بالقيام بأشغال عامة ، أو بإلغاء أشغال عامة كانت قد نفذتها الإدارة (4) . كما يقضى بأنه ليس مختصا بتوجيه أمر إلي جهة الإدارة بتعيين شخص معين في وظيفة عامة أو بإعادة موظف إلي عمله (5) كما قرر أنه غير مختص بتوجيه أمر إلي إحدى الوحدات الإدارية المحلية بهدم عقار كانت قد شيدته بالمخالفة لنصوص اللوائح المحلية الخاصــة بالصحة العامة (6) .
غير أن الحجج المستمدة من النصوص التشريعية القديمة لحظر إصدار أوامر إلي جهة الإدارة قد اضمحلت قيمتها ، و لم يعد لها الآن ما يبررها ، لاسيما بعد تعديلات 1995 و 2000 .
أما في النظام القانوني المصري فيما يتعلق بمبدأ حظر توجيه أوامر للإدارة فإنه قد خلا من نصوص صريحة تحظر على القاضي الإداري توجيه أوامر إلي جهة الإدارة . إلا أن القضاء الإداري المصري تأثر بما استقر عليه القضاء الإداري الفرنسي فيما يتعلق بحظر توجيه أوامر للإدارة ، إذ كان المبدأ السائد في مصر قبل إنشاء مجلس الدولة المصري سنة 1946 أن المحاكم القضائية هي صاحبة الاختصاص العام بالفصل في جميع المنازعات مهما كان نوعها . و كان اختصاص هذه المحاكم بالنسبة للمنازعات الإدارية مقصورا على التعويض عن الأعمال الضارة منها دون التعرض لهذه الأعمال تأويلا أو وقفا أو إلغاء (7) .
حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه لا يجوز للقاضي الإداري توجيه أوامر إلي جهة الإدارة ، لأن ذلك يخرج عن حدود اختصاصه الذي يحدده كل من الدستور و قانون مجلس الدولة . و في هذا قررت المحكمة : " إذا كان وجه عبارة الطلبات و ظاهرة ألفاظها مفاده إصدار الأمر إلي جهة الإدارة بالإفراج فورا عن السيارات الواردة و التي ترد استنادا إلي الموافقات الإستيرادية التي منحت للمدعي (( الطاعن )) ، فإن ذلك مما يتأبى و اختصاص قاضي المشروعية إذ لا يملك أن يصدر أمرا إلي جهة الإدارة ، و إنما يقتصر اختصاصه على إجراء رقابة المشروعية على ما تصدره الجهة الإدارية أو تمتنع عن إصداره من قرارات متى كانت ملزمة قانونا بذلك فيحكم بإلغاء القرار المعيب في الحالة الأولى و بإلغاء القرار السلبي بالامتناع في الحالة التالية (Cool .
و علق أحد الفقهاء على اتجاه المحكمة الإدارية العليا ، بأنها و لا المشرع ذاته يجوز له منح سلطة توجيه الأوامر للقاضي ، فيكون بذلك قد خرق المبدأ الدستوري الفاصل بين سلطة القضاء و سلطة الإدارة التنفيذية ....(9) .» ضمان تنفيذ الأحكام الإدارية في الجزائر
إذا كان نشوء مجلس الدولة الفرنسي و المصري يعتبر قديما نوعا ما فإن مجلس الدولة في الجزائر يعد حديث النشأة ، إذ نشأ بموجب التعديل الدستوري في سنة 1996 ، هذا الأخير كرس ازدواجية القضاء بعد أن كان أحاديا منذ استقلال البلاد .
و بالرجوع إلي النصوص القانونية المختلفة ، لا نجد أي نص صريح و ضمني يحظر على القاضي الإداري في الجزائر توجيه أوامر للإدارة و بالرغم من ذلك ، فإن القاضي الإداري الجزائري أكثر تقييدا لذاته في الالتزام بمبـدأ الحظر ، خاصة ما تعلق بقضاء الإلغاء ، فإن القاضي الإداري دأب على أن تكون سلطته في تقرير ما إذا كان عمل أو قرار إدارة معيبا أو مشوبا بعيب من العيوب الداخلية أو الخارجية دون أن يكون له حق إصدار الأوامر للإدارة ، لعله قصد بذلك ترك الفرصة للقاضي التعويض الإداري الذي يتمتع بسلطات واسعة في مواجهة الإدارة . تصل إلي درجة تحديد ما يجب فعله أو عمله من طرف الإدارة تنفيذا لحكمه .
غير أنه و مهما كانت مهمة القاضي – في نظر البعض – تقتصر في دعوى الإلغاء على التحقق من مدى مشروعية القرار الإداري من حيث مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون و روحه بمعناه الواسع ، و ليس للقاضي أن يصدر أوامر إلي الإدارة بعمل شيء أو الامتناع عن عمل شيء .
و ذهاب البعض الآخر إلي القول أن منح القاضي الإداري الحق في توجيه أوامر الإدارة لن تكون له أية قيمة عملية ، ذلك أنه إما أن تبادر الإدارة إلي تنفيذ الأمر ، و في هذه الحالة أن يكون هناك أي إشكال ، و إما ترفض الإدارة الامتثال للأمر و في هذه الحالة لا يملك القاضي وسيلة لإجبارها على الامتثال للأمر الذي يحتويه حكمه . و تلك ذات النتيجة التي يصل إليها الموقف لو أن قاضي الإلغاء اكتفى بإلغاء القرار ، فإما أن تنفذ الإدارة تلقائيا حكم الإلغاء و تعمل آثاره ، و في هذه الحالة فإن الأمر لها سيكون عديم الجدوى ، و إما أن ترفض الامتثال للحكم و هنا أيضا لا يملك القاضي الإداري إجبارها على التنفيذ . فتقرير سلطة القضاء الإداري في توجيه الأوامر للإدارة لن يغير من الوضع شيئا(10) .
إن مثل هذه التبريرات هي التي أدت بالقاضي الإداري في فرنسا و في مصر عامة و قاضي الإداري في الجزائر خاصة إلي التشكيك في سلطات القاضي و النيل من هيبته لعجزه عن توفير الحماية لمصالح الأفراد المتقاضين ، و حماية مراكزهم القانونية ، و توفير الاحترام اللازم لتنفيذ أحكامه التي تتعمد الإدارة عرقلتها أو تمتنع عن تنفيذها أو تصدر قرارات على خلافها .
فالمشرع في الجزائر و إدراكا منه لعراقيل تنفيذ القرار الذي يصدره القاضي الإداري ، حماه بنص جزائري في قانون العقوبات بموجب المادة 138 مكرر من القانون رقم 09/01 الصادر في 26/06/2001 المتمم للأمر رقم 156/166 الصادر في 08/06/1966 المتعلق بقانون العقوبات بحيث نص على أن كل موظف عمومي بحكم سلطاته و صلاحياته المخولة له في إطار وظيفته يعمل على وقف تنفيذ أي قرار قضائي ، أو بإرادته يرفض أو يعرقل تنفيذه أو يعترض على ذلك يعاقب بالحبس من 06 إلي 03 سنوات و بغرامة من 5000 دج إلي 50000دج
إذا فهذا النص يطرح المسؤولية الجزائية للموظف العمومي الذي يرتكب عن قصد مخالفة تنفيذ قرار قضائي أو يعترض على ذلك بأمره
و هو الأمر الذي جعل بعض الكتاب (11) يتساءلون عما إذا كنا بصدد نضام قانوني خاص للمسؤولية الجزائية التي تقع على عاتق الموظفين العموميين بمناسبة أداء وظائفه ؟ .
حيث انتهى الكاتب في مقاله المشار إليه في الهامش إلي أن النص الجزائي الذي قصد المشرع من خلاله حماية صاحب الحق ، و ضمان التنفيذ ضد الإدارة يطرح عد صعوبات و تناقضات لاسيما إذا استحضرنا التعريف الدقيق للوظيف العمومي و الخدمة العمومية المرفقية التي يقوم بأدائها بصفة منتظمة و مضطرة ، و السلطة الرئاسية التي يخضع لها الموظف العمومي ، و طبيعة الأعمال التي ينبغي القيام بها بحكم صفته ، و ما هي معايير التمييز و التفرقة بين الأعمال التي يقوم بها الموظف بصفته الشخصية أو بصفته المرفقية ؟ كل ذلك يطرح إشكالات تحول دون أن يكون للنص الجزائي الفعالية المنشودة خاصة إذا علمنا أن الموظف العمومي لا يكون مسؤولا جزائيا عن الغير (( أي المرفق العمومي )) نظرا لشخصية العقوبة الجزائية تطبيقا لنص المادة الأولى من نص قانون العقوبات الجزائري .
بالإضافة إلي هذا الضمان القانوني لتنفيذ القرارات الإدارية الصادرة عن القضاء في مواجهة الإدارة ، هناك نص قانوني آخر يضمن تنفيذ القرارات الإدارية الصادرة عن القضاء الكامل فيما يخص بتعويض ألا و هو القانون رقم 02/91 الصادر في 08/11/1991 المتعلق بالأحكام الخاصة ببعض القرارات القضائية و شروط تنفيذها ضد أو لفائدة الهيئات العامة أو الأشخاص الخاصة بواسطة قباضة الخزينة .
فبالرغم عن محاولة المشرع المتكررة و المتنوعة لحماية و ضمانة تنفيذ القرارات الإدارية و القضائية إلا أنها تبقي غير كافية و أحيانا غير مجدية بل تبقى كما قال أحد قضاة القضاء الإداري عندما تساءل عما مدى حجية و قوة الأحكام القرارات القضائية عند تماطل الإدارة عن التنفيذ : << إن تنفيذ الأحكام و القرارات القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة يرتبط أولا و أخيرا بشرف هذه الإدارة التي يفترض فيها خضوعها للقانون و للشرعية و التزامها طواعية بتنفيذ أحكام تصدر باسم الشعب كله ) (12) .
الخاتمــــــة :
مما سبق يتبين و أن الصراع الطويل بين القضاء و الإدارة عبر التاريخ من أجل تحقيق التوازن بينهما قد أفضى بالقضاء الإداري خاصة في أوروبا و مصر إلي اعترافه باستقلالية الإدارة التنفيذية بمناسبة أدائها لوظيفتها المرفقية المتشعبة و المتنوعة إعمالا لمبدأ الملائمة .
غير أن القضاء في هذه الدول ظل يمارس وظيفته الرقابية على أعمال الإدارة بكل أمان و نزاهة ، بل أصبح ضمانا قويا لحماية المتقاضين من تعسف الإدارة و تجاوزها للسلطة ضد الأشخاص الخاصة ، خاصة عندما سن المشرع الفرنسي قانوني سنة 1995 و 2000 اللذين بموجبهما أصبحت الإدارة تخضع مثلها مثل الشخص الخاص إلي القانون ، فتجبر على تنفيذ أحكام و قرارات القضاء تحت طائلة الغرامة التهديدية .
و هو بالمناسبة ما نقترحه على المشرع الجزائري الأخذ به لاسيما و أن المشرع الدستوري الجزائري قد أخذ بالقضاء المزدوج من خلال التعديل الدستوري لعام 1996 ، و القوانين اللاحقة عليه للتنظيم القضائي الجزائري سيما إنشاء المحاكم الإدارية و مجلس الدولة و مهامها و كيفية سيرها .
فندعو المشرع الجزائري إلي الاستفادة من تجارب مجلس الدولة الفرنسي سن قوانين صريحة و جريئة لمنح القضاء الإداري سلطة توجيه أوامر للإدارة ، بل و توقيع الغرامات التهديدية ضدها لضمان تنفيذ أحكامه و قراراته ، و بالتالي ضمان إيجاد التوازن المطلوب بين الأشخاص العامة و الأشخاص الخاصة ، و ذلك كله في إطار وظيفته القضائية ، و في إطار مبدأ رقابة القضاء على أعمال الإدارة .
الهوامــــش :
(1) M. waline : le contrôle juridistionnel de l administration , 1949 p 200.
(2) R . debbach : le juge administratif et injonction : la fin d un tabou j.c.p 1996 , doctrine 3924 m p161.
(3) J.moreau : étrangère au pouvoire du juge , l injonction pouvoire le serait –elle r.f.d adm 1991 p 112 .
(4) C.E mars 1938, res , p256
(5) C.E 29/04/1939 rec . p375
(6) C.E 10/12/1943 rec , p288
(7) د . حمدي علي عمر : سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر الإدارة ( دراسة مقارنة ) دار النهضة العربية 2003 ص 15 .
(Cool حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 12/05/1990 ، طعن رقم 1524 لسنة 35 ق . الموسوعة الإدارية الحديثة جزء 33 ص 74 .
(9) د . يسري محمد العصار : مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري للإدارة و حظر حلوله محلها و تطوراته الحديثة ( دراسة مقارنة ) دار النهضة العربية ص 60 .
(10) د . حمدي علي عمر مرجع سابق ص 28 .
(11) Abdelechafid . mokhhtari : de equelque reflexions sur l article 138 bis du code pensl . revue du conseil d etat n 02 . 2002p 23 .
(12) صاحب المقال مجهول الإسم : (( المادة السابعة من القانون رقم 90/23 و انعكاساتها على القضاء الإداري . ملتقى قضاة الغرف الإدارية ، الديوان الوطني للأشغال التربوية 1992 ص 135 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ضمانات تنفيذ القرارات الإدارية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وقف تنفيذ القرارات الإدارية
» إنتـهاء القرارات الإدارية
» القرارات القضائية الإدارية وتنفيذهـا
» نهاية القرارات الإدارية بواسطة الإلغاء
» أنواع القرارات الإدارية من حيث التكوين،و من حيث الخضوع و عدم الخضوع لرقابة القضاء .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التواصل القانوني :: أعمال الإدارة :: القرار الإداري-
انتقل الى: